مجتمع

“المصرى الان “فى حوار ساخن مع وزير الزراعة الاسبق

 

حوار-دكتورة جيهان رفاعى 

تعتبر مشاكل الزراعة والإكتفاء الذاتي من المحاصيل الإستراتيجية وندرة المياه من الأمور التي تؤرق الشعوب ، وتكمن هذه المشاكل أكثر في البلاد النامية ومنها مصر ، ولذلك كان لنا هذا اللقاء مع  الأستاذ الدكتور – صلاح عبد المؤمن – وزير الزراعة الأسبق ورئيس لجنة إختيار القيادات بمركز البحوث الزراعية

الى نص الحوار:

س : كيف ترى الزراعة المصرية في ظل التحديات المناخية والإقتصادية ؟

ج : الزراعة المصرية متأثرة بالتغيرات المناخية ، والتأثر بدأ منذ فترة وقد يستمر لفترة أطول ، ويلاحظ أن بعض المحاصيل تأثرت كمثال الذرة الشامية والصيفي حيث تأثر إنتاجها بدرجات الحرارة المتغيرة بشكل مفاجئ ، وعلى الرغم أن التغيرات المناخية لها تأثير سلبي في كثير من الحالات ولكن في بعض الحالات الإستثنائية قد يكون لها تأثير إيجابي ، فمثلا محاصيل الموالح نسبة العقد بها هذا العام أكبر ، وقد لاحظت ذلك وحدث هذا أيضا في سنة 2014 ، ولكن بصفة عامة التغيرات المناخية ليست في صالح الزراعة المصرية ولابد أن نستعد لها ونتعامل معها ، فالعاملين في تربية النباتات واستنباط أصناف جديدة يجب أن يأخذ في الإعتبار المدى الحراري ومدى تحمل الأصناف الجديدة للتغيرات المناخية ، والعاملين كذلك في مجال مكافحة الآفات يجب أن يننبهوا لهذا الموضوع لأن الآفات تتغير مقاومتها وقدرتها على إحداث المرض بهذه التغيرات .

س : ما رأيك في السياسة الزراعية التي تتبعها وزارة الزراعة ؟

ج : سياسة وزارة الزراعة ترتبط بسياسات وزارات أخرى ، وقد يلقى على وزارة الزراعة مسئوليات أكبر مما تتحمله وأكبر من إمكانياتها … فنحن لدينا تحرير الزراعة أي كل شخص يزرع ما يشاء فيجب على الوزارات الأخرى أن تتعاون مع وزارة الزراعة بأن تجد أسواق للزراعات ويكون لدينا سياسة زراعية محددة مرتبطة بتسويق زراعي جيد وباحتياجات الدولة مع تشجيع التصدير للخارج .

س : ما أهم المخاطر التى يتعرض لها القطاع الزراعي الآن ، وكيف يمكن التغلب عليها ؟

ج : هناك مخاطر خارجة عن الإرادة مثل التغيرات المناخية ، أما المخاطر الأخرى هى عمليات تسويق المنتجات الزراعية ، فهي مشكلة كبيرة تواجه الفلاح يجب أن يتغلب عليها بأن نزيد دعمه بطرق مختلفة مع مراعاة أن يعود عليه عائد كافي حتى يستمر في هذه المهنة الصعبة .

س : هل حصل الفلاح المصرى على حقوقه كاملاً ؟

ج : طبعا لا … لم يأخذ حقه على مدى فترات طويلة .

س : وقت تواجدك في الوزارة ما هي الرؤية التي طرحتها لحل أزمة الفلاح المصري ؟

ج : كانت الرؤية وما زالت أنه إذا لم يكن يعود على الفلاح عائد كافي ومربح سيترك مهنة الزراعة وتواجهه مشكلة كبيرة ، فعندما قامت الثورة والجميع إهتم بالنواحي السياسية وأصبح لديه تطلعات كبيرة ظل الفلاح كما هو يعمل ويكد وينتج ، ورؤيتي مزيد من الدعم للفلاح وعائد مربح مع فتح أسواق جديدة وتسويق المنتجات الزراعية عوامل أساسية لنجاح الزراعة ، فمثلا القطن نطالب الفلاح بزيادة المساحة كل عام ونغريه بأسعار ولكن يفاجأ بمشكلة في التسويق ، لذلك يجب أن تلتزم الحكومة بشراء محصول القطن كله ثم توزيعه .

س : كيف ترى قرار تعويم الجنيه أمام الدولار ، وتقييمك لتدعياته على الزراعة المصرية ؟

ج : قرار تعويم الجنيه في صالح الزراعة لأنه شجع التصدير وزيادة أسعار المنتجات الزراعية وتداعياته على المزارع كمثل أى شخص آخر ولكن بشكل أكبر لأنه لا يستفيد بفائدة التعويم في بيع المنتج لأنه ليس المتعامل النهائي في عملية البيع ، وقد يقلل كارت الفلاح الذكي هذه التداعيات ولكن يجب على الحكومة أن تعمل على رفع معيشة الفلاح ودعمه بكل الوسائل .

س : هل الزراعة التعاقدية ستكون بمثابة الحل الأمثل لسد الفجوة الغذائية من المحاصيل الإستراتيجية ؟

ج : الفكرة إلى الآن لم تطبق بشكل جيد ، ولكن هناك زراعة تعاقدية موجودة بالفعل أوتوماتيكيا ، فلا يوجد مشكلة في الأرز والقمح بالنسبة لعملية الزراعة التعاقدية لأن إحتياجاتنا أكبر بكثير من إنتاجنا ، وبدون تعاقد يتم شراء القمح والأرز إما من الحكومة أو القطاع الخاص ، أما الزراعات الأخرى فمشاكلها ما بعد جني المحصول في التعاقد ، فمثلا نستورد كميات كبيرة من الذرة الصفراء وندفع 1.6 مليار دولار كل سنة ، ويكون السؤال هنا لماذا لا نزرع ذرة صفراء ونتعاقد على ذلك ، والإجابة هنا يجب أن نعرف أن الذرة الصفراء هى صناعة ما بعد الحصاد ، بمعنى هل لدينا مجففات وماكينات تفريط تغطي هذا الكم الهائل من الإنتاج من غير أن يصاب بالسموم الفطرية أو يحدث له مشكلة في التخزين ، لذلك صدر قرار بإنشاء مركز زراعة تعاقدية ولم يستطيع أن يقوم بدورها ولم تدرس الطرق ، لذلك يجب أن تكون الحكومة لاعب رئيسي في السوق ولا تحتكر السوق .

س : هل تلحظ تخبط ما في بعض قرارات وزارة الزراعة بشان الأزمات كبذور الطماطم المفيرسة وإستلام محصول القطن هذا الموسم ؟

ج : أنا أشفق على المتحدث الإعلامي ، فعندما لا يكون عنده إجابه كافية وليس ملم بالموضوع عليه أن يتوخى الحذر ويرجع للموضوع أولا ، فالوزير يتكلم بناء على ما وصل إليه من بيانات ومعلومات ، وبالنسبة لأزمة القطن الوزير الحالي غير مسئول عن المشكلة لأنه لم يكن موجود أثناء زراعة القطن ، فهذه الأزمة أطرافها الإثنتين غير موجودين وهما وزير الزراعة السابق ووزير قطاع الأعمال السابق ، وزير قطاع الأعمال الحالي فكره مختلف عن الذي سبقه ، وقد يكون هذا أساس المشكلة ومازلت ذو إصرار على أنه يحب التعاقد قبل زراعة محصول القطن مع الجهات التي سوف تقوم بشراء القطن .

س : ما دور التكنولوجيا الحيوية في الزراعة ، وما تقييمك لتحقيقه في مصر ؟

ج : التكنولوجيا الحيوية بصفة عامة مستخدمة في الزراعة كما في الري المطور سواء لدينا أو المزارع الخاصة وكذلك عمليات التسميد والتنبؤ بالأمراض ، أما دخول الهندسة الوراثية في عمليات الإنتاج الزراعي فلابد أن يدرس هذا الموضوع ويكون لدينا الإمكانيات للتعامل معه ويستخدم عند الحاجة فقط ، وليس من الضروري إستخدامه في الإنتاج إذا كان لا يوجد حاجة إليه .

س : كيف تقيم دور مركز البحوث الزراعية في ظل التحديات الخطيرة التي تواجهه في تلك المرحلة ؟

ج : أرى أن المركز دوره متدني في الفترة الحالية ، وأتمنى أن ينهض مع الإدارة الجديدة ويكون الوضع أفضل … وللنهوض بالمركز يكون بطريقتين هامتين وهي : لابد أن تكون التعيينات الجديدة على أساس إختيار أكفأ العناصر ، والطريقة الثانية أن عملية الترقيات يجب ألا تكون عملية روتينية ونحاول نجد طريقة لا يرتبط بها الترقي والبحث العلمي سواء في الجامعة أو المراكز البحثية بالدخل ، لأن ذلك يكون أفضل لأنه سوف يكون بناء على رغبة حقيقية وهي العلم وليس التحصيل المادى .

س : ماذا تقصد بكلمة وضع متدني ؟

ج : أقصد نوعية البحوث ليست تطبيقية كما ينبغي ، كما أن كثير من يحملون الدرجات العلمية يجب أن تكون درجة الكفاءة أعلى بكثير من وضعهم الحالي ، وهناك نماذج مشرفة سعدت بمقابلتهم من المتقدمين للوظائف في مركز البحوث ، وهناك كثير من الزملاء في المحطات خبرتهم عالية وأعتز بهم ، ولكن مع العدد الكبير لمركز البحوث الذي تجاوز العشرة آلاف ، هذه النسبة ليست كبيرة بالمقارنة بعددهم .

س : هل نستطيع تحقيق الإكتفاء الذاتي من القمح ؟

ج : إذا توفر لدينا مساحة أكبر من ثلاثة مليون ، أى ما يقرب من خمسة مليون فدان يتم زراعتهم قمح ، وإذا كان لدينا منظومة خبز بحيث يؤكل الرغيف كله ، وإذا كان لدينا شون وصوامع لتخزين الناتج كله من القمح ، سوف نصل إلى تقليل الفجوة بشكل كبير جدا .

س : كيف يمكن زيادة السعة التخزينية للقمح ؟

ج : هذا مسئولية وزارة التموين بأن تزيد عدد الصوامع وتطوير شون البنك الزراعي المصري بحيث يكون التخزين تحت ظروف أفضل وتستخدم الممكنة في عملية الحصاد حتى لا يفقد المحصول .

س : هل باتت مصر على أعقاب ثورة جياع بسبب الشح المائي الذي نعانى منه الآن ، وما روشتة العلاج ؟

ج : أنا لا أعتقد أن تدخل مصر في ثورة جياع ، فنحن نسمع هذه الكلمة من فترات طويلة ولكني لا أقلل من خطورة الوضع الحالي ، وعلينا أن نجد طرق بحيث تحقق أعلى إستفادة ولا يحدث هدر في المياه .

س : كيف ترى آليات العمل بالحجر الزراعي ، وهل ثمة ضغوط تمارس لتمرير بعض الشحنات المستوردة من المحاصيل الإستراتيجية ؟

ج : الحجر الزراعي يجب أن يكون وضعه أقوى من ذلك ، بمعنى أن بعض صلاحيات الحجر الزراعي أخذت منه لصالح وزارة أخرى وأنا أتمنى أن يستعيد دوره القومي ، أما هذه الضغوط فتتوقف على القائم بالعمل ، وهي موجودة في أى مكان وأنا أنصح أن أي شخص في أي موقع إذا لم يستطيع مقاومة الضغوط بأن يترك المكان .

س : هل يؤدي معهد أمراض النباتات دورة بالشكل الذي ترغبه ، وما آليات تعظيم هذا الدور ؟

ج : معهد الوقاية وأمراض النبات يتعامل مع كائنات دقيقة ، وهذه الكائنات عالم متغير ولكي أقيس كفاءة المعهد لابد أن أثبت الظروف وهذا صعب وأرى أنه يؤدي ما يستطيع حسب إمكانياته .

س : هل يمكن أن يكون كارت الفلاح بمثابة الحل لكثير من المشاكل التي يعانى منها ، ولماذا ؟

ج : كارت الفلاح بدأت فكرته والعمل به منذ عام 2007 ، وأنا لا اقول أنه الحل النهائي ولكن يجب أن يؤخذ في الإعتبار أنه مفيد للفلاح ومفيد للحكومة ، فالفلاح يأخذ مستحقاته بدون التلاعب فيها ، أما بالنسبة للحكومة يصبح عندها تصور لمدى توزيع الثروة الزراعية والملكيات ، وأتمنى أن يتسع التعامل لخدمات أخرى مثل التأمين الصحي .

س : العنصر البشري هام جدا لدفع المنظومة الزراعية ، كيف يمكن زيادة خبرتهم وتدريبهم ؟

ج : العنصر البشري مهم جدا والأهم هو كيفية جذبه للعمل في الزراعة بتدعيمه ومساعدته وتوفير كافة السبل لراحته .

س : ما الأساس العلمي الذي تم عليه إطلاق مشروع 1.5 مليون فدان ، وما رأيك ؟

ج : هذا المشروع بدأنا به تحت مسمى سد الفجوة الغذائية وكان يبدأ من مساحة مليون فدان يزرع منهم 60% والباقي خدمات زراعية ومشاريع زراعية ، والـ 60% تزرع على مراحل خلال خمس سنوات لأننا نمر بتجربة لا نعلم نتائجها وهذه كانت فكرته ، أما من جهه كيفيه التعامل معه فأنا أرى الآتي : أن يتدخل في هذا المشروع شركات إستثمارية وبحق الإنتفاع لفترات معقولة ، ثم يتم توريثها للأجيال التي تأتي بعد ذلك طالما النشاط مستمر وبتسهيلات في الأرض وذلك بناء على توقيعات رسمية من وزارة الري بتوفير المياه في هذه الأماكن ، وكنت في سبيلي لعمل خريطة مياه وخريطة أرض ونوفقهم مع بعض ، ومشروع كهذا يجب أن يتم تدريجيا وليس مرة واحدة .

س : إنتزاع بنك الإئتمان الزراعي من الوزارة تسبب في تفاقم أزمات عديدة أخرها أزمة تسويق القطن ، ما رأيك ؟

ج : في بدايات هذا البنك كان يسمى بنك التسليف الزراعي وفي الفترة الأخيرة تحول إلى أنشطة أخرى وقل عمله الزراعي وتوجه إلى أنشطة تجارية مثل شراء السيارات ورأيي الشخصي أنه لم يؤثر كثيرا .

س : كيف ترى تداعيات أزمة سد النهضة على القطاع الريفي ، ورؤيتكم للخروج من تلك الأزمة بأقل خسائر ؟

ج : نحن لدينا مشكلة في المياه حتى مع عدم وجود سد النهضة لزيادة السكان وطبيعة الظروف المناخية التي نتعرض لها ، ولكن سد النهضة سوف يزيد من حدة المشكلة لأننا بلد مصب وأكثر دولة متأثرة بعملية السدود التي تقام ، ورؤيتي نحن لدينا مشروع تطوير حقلي لابد أن تهتم الوزارة به لأنه يقلل من كمية المياه المفقودة ، كما أن هناك إتجاه لإستنباط محاصيل زراعية مبكرة النضج لا تستنفذ كميات كبيرة من المياه وتتحمل الجفاف ، ولكن هذا سوف يتحقق على المدى البعيد ولكن الأهم هو تغيير سياستنا في إستهلاك المياه .

س : ما رأيك في تعامل وزارة الزراعة مع محصول الأرز فيما يتعلق بتحديد مساحته ومنع تصديره والسماح بالإستيراد ؟

ج : وزارة الري هي من فرضت تحديد مساحة الأرز وليس وزارة الزراعة ، وأنا غير موافق على هذا الموضوع إذا ترك الأمر لي لأن هناك أماكن لابد أن تزرع أرز حتى لا تحدث كارثة ، فمياه البحر والمياه الجوفية التي تميل للملوحة تزحف على الأرض الزراعية وتجعلها تملح ، وهذه الأماكن لابد أن تزرع أرز .

س : هل هناك تفضيل لأساتذة الجامعات وخصوصا جامعة القاهرة في الإختيار على حساب باحثين مركز البحوث الزراعية ؟

ج : أثناء تعاملي مع الوزير لم أرى ذلك والوضع مختلف ولكني أهيب بزملائي أن يكونوا على المستوى العلمي والمكانة الأكبر وعلى ثقة بأنفسهم ، وما لاحظته أن ليس هناك فرق بين مستوى الأساتذة في الجهتين ، فهناك أساتذة في المحطات على مستوى عالي من الكفاءة والوزير نفسه متأكد من ذلك ، ولكن قد يكون هناك طلبات غير واقعية من بعض الزملاء ويجب أن يعتزوا بنفسهم ومكانتهم .

س : هل كان من الأفضل إختيار وزير الزراعة إبن من أبناء مركز البحوث الزراعية ؟

ج : ليس بالضروري ذلك ، لأني أرى أن هناك أشخاص لدينا ذو كفاءة يمكن أن يديروا أي وزارة سواء زراعة أو غيرها ويمكن العكس كذلك ، وسبق أن تولى رئاسة المركز أساتذة من الجامعة ولم يسببوا مشاكل ، فالإختيار يكون للأكفأ ولا يرتبط بالمؤسسة التابع لها .

س : هل تستطيع مصر تحقيق الأمن الغذائي في ظل التحديات الحالية ، وما رؤيتكم لتفعيل ذلك ؟

ج : هذا يحتاج إلى مجهود كبير وتنفيذ على درجة عالية وإخلاص في العمل وتعاون مع الوزارات المختلفة .

س : كلمة توجهها لمعالي الوزير والباحثين في مركز البحوث الزراعية ؟

ج : أتمنى لوزير الزراعة التوفيق ، فهو إنسان محترم وكله أمل أن ينجح في عمله وينهض بقطاع الزراعة وهو مستمع جيد ، وما رأيته في تعاملي معه أنه لا يفرض رأيه بل يستمع لأراء الآخرين … أما زملائي في مركز البحوث الزراعية ، أرجو أن نهتم بالتركيز على مستوانا البحثي ويكون لنا دور ونعتز بمكانتنا ولا نلتفت لأشياء بسيطة ، فنحن مركز في غاية الأهمية وأنتم كفاءات كبيرة ولا تنتظروا أن يسند إليكم عمل معين بل تفكروا وتبدعوا وتعتبروا أنفسكم أصحاب المشكلة وتحاولوا حلها .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى