تاريخ مصر.. من مينا إلى السيسي: ملحمة حضارية تربط الأهرامات بناطحات السحاب

كتبت: خلود طارق
منذ آلاف السنين، تقف مصر على ضفاف نهر النيل شامخة، حاملة إرثاً حضارياً لا نظير له، من أعمدة المعابد الفرعونية إلى الأبراج الزجاجية في العاصمة الإدارية الجديدة. إنها قصة وطن صنع تاريخ مصر بيديه، وواجه التحديات ليستمر كقوة حضارية عبر العصور.
العتيق: بداية توحيد مصر على يد الملك مينا
في فجر الحضارة المصرية القديمة، وحّد الملك مينا (نارمر) مصر العليا والسفلى، مؤسساً أول أسرة حاكمة ونواة الدولة المصرية. شهدت هذه الحقبة ولادة الكتابة الهيروغليفية، وبداية الإدارة المنظمة، وترسيخ الديانة المصرية القديمة التي رافقت الفراعنة عبر القرون.
الدولة القديمة: عبقرية بناة الأهرامات في الجيزة
هنا وُلد عصر بناة الأهرامات، حيث ارتفعت أهرامات الجيزة لتصبح واحدة من عجائب الدنيا السبع. في عهد الأسرة الرابعة، قاد ملوك مثل خوفو وخفرع ومنقرع مشاريع معمارية ضخمة لا تزال تذهل الزوار وتؤكد عبقرية المهندسين المصريين القدماء.
الدولة الوسطى والحديثة: من الاضمحلال إلى النهضة
بعد فترات من الاضمحلال السياسي، استعادت مصر قوتها في الدولة الوسطى بفضل النهضة الزراعية والتجارية والفنية. أما في الدولة الحديثة، فقد بلغت قمة قوتها العسكرية بقيادة ملوك مثل أحمس الأول، تحتمس الثالث، ورمسيس الثاني، الذين تركوا إرثاً معمارياً في معابد الكرنك وأبو سمبل.
العصر اليوناني البطلمي: الإسكندرية عاصمة الثقافة والعلم
في عام 332 ق.م، دخل الإسكندر الأكبر مصر وأسس مدينة الإسكندرية، التي أصبحت مركزاً عالمياً للعلم والثقافة. حكمت أسرة البطالمة قرابة 300 عام، جمعت بين التراثين المصري واليوناني، وشهدت إنشاء مكتبة الإسكندرية القديمة. انتهى العصر البطلمي بانتحار الملكة كليوباترا السابعة، آخر حكام الفراعنة، عام 30 ق.م، لتبدأ مصر عهدها تحت الحكم الروماني.
مصر الرومانية والبيزنطية: من سلة خبز الإمبراطورية إلى الفتح الإسلامي
في العصر الروماني، أصبحت مصر سلة خبز الإمبراطورية الرومانية، وبقيت الإسكندرية مركزاً للفكر رغم الاضطرابات. ومع انقسام الإمبراطورية عام 395م، دخلت مصر العصر البيزنطي، حيث ازدهرت المسيحية القبطية، حتى جاء الفتح الإسلامي لمصر عام 641م بقيادة عمرو بن العاص.
مصر الإسلامية: قرون من الازدهار العلمي والتجاري
من حكم الخلفاء الراشدين والأمويين والعباسيين، مروراً بالعصور الطولونية والإخشيدية والفاطمية، وصولاً إلى الأيوبيين والمماليك، كانت مصر مركزاً علمياً وتجارياً مزدهراً. ثم دخلت تحت الحكم العثماني حتى بداية نهضة محمد علي باشا وأسرته، الذين أسسوا مصر الحديثة.
من ثورة 1952 إلى الجمهورية الحديثة: تحولات سياسية واقتصادية كبرى
في 23 يوليو 1952، أطلق الضباط الأحرار ثورة أنهت الملكية وأعلنت الجمهورية. قاد جمال عبد الناصر حقبة القومية العربية وتأميم قناة السويس، بينما أعاد أنور السادات الأرض في حرب أكتوبر 1973 وفتح الاقتصاد. حكم حسني مبارك ثلاثة عقود قبل ثورة 25 يناير 2011 التي مهدت لمرحلة جديدة.
مصر اليوم: مشروعات قومية تربط الحضارة القديمة برؤية المستقبل
منذ 2014، يقود الرئيس عبد الفتاح السيسي خطة تنمية شاملة تشمل العاصمة الإدارية الجديدة، وتوسعة قناة السويس الجديدة، وتطوير البنية التحتية. تجمع مصر اليوم بين إرث الحضارة الفرعونية وروح الحداثة، لتؤكد للعالم أنها ما زالت قلب التاريخ النابض.
خلاصة القول
تاريخ مصر ليس مجرد صفحة من صفحات التاريخ، بل هو كتاب كامل مليء بالإنجازات من الملك مينا إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، ومن الأهرامات إلى ناطحات السحاب، قصة أمة تصنع مجدها جيلاً بعد جيل.