الدكتور /خالد الجليل مستشار وزير الثقافة للشئون السينمائية ؛
حوار مع الدكتور /خالد الجليل مستشار وزير الثقافة للشئون السينمائية ؛ رئيس المركز القومي للسينما ورئيس الرقابة على المصنفات الفنية
حوار اجراه : محمود حسن
تُعد السينما إحدى أهم وسائل الإعلام والتعليم والتربية والثقافة والتوجيه والترفيه والتأريخ والتوثيق والبث والحِس والترويج والتنمية والانتماء.
فضلًا عن دورها الاقتصادي كأحد أهم الصناعات المؤثرة في الدخل القومي بالإضافة إلى دورها في تنشيط السياحة وغيرها.
وقد ثبت ذلك الدور بالفعل عبر تاريخها الطويل بما يفرض ضرورة وضع هذا القطاع على قائمة الاهتمامات بل يجوز القول بأن التقصير في حق هذا القطاع يُعد إهدار وهدم لركن هام من أركان المجتمع.
في هذا الإطار كان لابد من التحاور مع الأستاذ الدكتور / خالد عبد الجليل مستشار وزير الثقافة للشئون السينمائية؛ و رئيس المركز القومي للسينما ورئيس الرقابة على المصنفات الفنية.
س: ربما لا يعلم الكثير من الناس شيئًا عن هذا المركز
لذلك سوف أبدأ مع سيادتكم من المربع رقم واحد وبطريقة المسح الجوي أرجو من سيادتك إخبارنا عن تاريخ وسبب تأسيس هذا المركز وما هو الهيكل الفني والإداري له والفروع والمواقع التابعة له؟
ج. المركز القومي للسينما هو العنوان الموجود في كل دول العالم للمؤسسة المنوط بها كل ما يتعلق بصناعة السينما في علاقتها بالدولة وهو المظلة التي يخضع تحتها كل ما له علاقة بصناعة السينما من تسهيلات تصوير أفلام أجنبية، ودعم لإنتاج الأفلام ودعم للمهرجانات، ومُراقبة الجودة على المهرجانات، ودور العرض مع تواصل دولي وتحديد نسخ الأفلام الأجنبية، والاستيراد والتصدير أي أنه هو العقل المُنظم للصناعة في كل دول العالم واسمه موحد في كل دول العالم بالإضافة الى دوره في الحفاظ على التراث من خلال المتحف والسينماتك والارشيف السينمائي , إذاً فهو هيكل تنظيمي له اهداف يحققها من خلال الفراغات التنظيمية الإدارية الموجودة بداخله .
س. وهل يقوم المركز بدوره المنوط به كما يجب ؟
ج. للأسف على مدى عقود طويلة في مصر تم تفريغ المركز من صلاحياته لأسباب كثيرة لا أريد الخوض فيها فتقلص دوره بشكل كبير .
وبناءً على هذا تقدمت بمشروع لإعادة هيكلة المركز ولم يكن في حسباني أن يكون قطاع أو هيئة للسينما وإنما كنت أرغب في كيان تنظيمي داخل دولاب الدولة يسمح بالحركة فيما يتعلق التصوير ودعم الأفلام والمهرجانات ومراقبة الجودة و دور العرض وخلافه وقد تمت الموافقة المبدئية على المشروع في اللجنة الوزارية العليا لحل مشاكل الصناعة منذ سنوات ولكن لم يتم رفعه من وزارة الثقافة إلى رئاسة الوزراء إلا في الوقت الحالي في عهد الدكتورة / إيناس عبد الدائم وهي التي تحمست للمشروع ورفعته إلى الأستاذ الدكتور / مصطفى مدبولي رئيس الوزراء كما تُتابع بشكل دائم هذا الأمر ونحن الآن بصدد إنهاء إجراءات تحويل المركز إلى كيان حقيقي ليُصبح هو العقل المدبر الحقيقي للسينما فيما يتعلق بتنظيم صناعة السينما في مصر ومُمارسة سُلطاته بشكل واضح لحل مشاكل الصناعة حيث أن كل جهة تتحدث عن مشاكل صناعة السينما من وجهة نظرها ومن خلال زاوية محددة تخص مُعاناتها الشخصية سواء فيما يتعلق بتسهيلات التصوير أو دور العرض أو الضرائب .. الخ ، ولكن ما نسعى إليه هو إيجاد كيان مُتكامل وعقل يستطيع تقديم اقتراحات لتشريعات يمكنها حل مشاكل الصناعة .
س. ظلموها وقلصوا دورها فأطلقوا عليها صناعة ولكنها أوسع واشمل بكثير لان الصناعة ذات جانب اقتصادي تستهدف الربح فقط . والوقت الذي أصبح فيه الربح فقط هو غاية السينما ضلت الطريق وخرجت عن المسار . أرجو من حضرتك أن تُحدثنا عن أهمية المركز ودوره في الحفاظ على هذا الكيان من عبث التُجار والمُقاولات؟
ج. الحقيقة أن السينما هي بالأصل صناعة وتجارة وفن ايضاً ولكن بالاساس ينطبق عليها كل مُواصفات الصناعة بما لها وما عليها ويجب أن تسعى للربح وليس بالضرورة أن يكون الربح ماديا فقط كما انها لا تحقق الربح اذا كان المنتج ردئ .
س.خلال فترتي توليكم لهذا المنصب الهام أرجو إلقاء الضوء على التوسع الرأسي والتوسع الأفقي فيما يتعلق بالجحر والبشر وما هي الرؤية المستقبلية لاستكمال ما لم يكتمل منه وأيضا المشروعات المزمع إقامتها وخطتكم في التنفيذ وعلى رأسها المشروع الحضاري الرائد وهو مشروع مدينة السينما والذي يشمل الأرشيف السينمائي والمتحف السينمائي وهيكلة المركز أو الهيئة؟
ج. المركز لم يصبح هيئة بعد حيث إننا بصدد تحويله إلى كيان كبير قد يصبح قطاع أو يصبح هيئة ولكنه في النهاية سيصبح كيان مستقل وبدعم كامل من معالي وزيرة الثقافة والحقيقة أنني أرغب في التعبيرعن مدى شكري وتقديري لمجهودها في هذا الأمر وكما أدليت في السؤالين السابقين ولتجنب تكرار الإجابات هو أن يكون لدينا عقل يُفكر فى الصناعة وينظم أدائها .
فعلى سبيل المثال دائماً عندما نتحدث عن الحفاظ على التراث نقوم بتشكيل لجنة وعندما نتحدث عن دعم السينما نقوم بتشكيل لجنة وعندما نناقش زيادة عدد نسخ الافلام الاجنبية نقوم بتشكيل لجنة وذلك مايحدث لعدة عقود ومع تغيير الحكومات يتم إلغاء تلك اللجان او تغيرها مما يؤدي الى تعطل تلك المشاريع او نسيانها .
ولذلك فإذا تم تأسيس كيان بداخله تلك الإدارات أو الهياكل التنظيمية أو الفراغات التنظيمية المنوط بها هذه الأعمال ستظل مُستمرة مهما تغيرت الوزارات أو تغيرت الحكومات ولا تتغير سياستها بتغير الأفراد.
على سبيل المثال سيتم إعداد هيكل لصندوق لتنمية ودعم صناعة السينما وسيكون له مجلس إدارة تحت مظلة المركز وله آلياته، وأيضاً سيكون هناك مجلس أمناء لمشروع مدينة السينما الذي سيتم إنشائه هنا في ارض مدينة الفنون كما نسعى أن يتضمن شخصيات دولية ، وفي هذا الاطار أصدرت وزيرة الثقافة الدكتورة / إيناس عبدالدايم القرار بإنشاء أول سجل للحفاظ على تراث السينما المصرية في قاعة ثروت عكاشة هنا حيث بدأنا بتجديدها وضخ الملايين لتُصبح المخازن الرئيسية لحفظ كل ما هو ورقى في تراث السينما المصرية ولتسجيل كل مُقتنيات السينما المصرية فيها لتحديد مكان كافة المقتنيات وهوية مالكها ومصدرها وبائعها ومُشتريها.
س.وماذا عن متحف قصر عمر طوسون ؟
ج. كان ذلك مشروع قديم حيث قُمنا بإحضار خبراء وكنا بصدد تنفيذ المشروع لكن بعد 25 ينايروانفصال وزارة الثقافة عن وزارة الآثار توقف المشروع . علماً بأننا كسينمائين خُضنا معركة طويلة جدًا لإعادة إدارة أصول السينما المصرية لوزارة الثقافة وعادت الينا إدارة مدينة الفنون حيث استوحيت من عبقرية وأهمية هذا المكان مشروع مدينة السينما نظراً لأنه مكان تم تصوير أهم أفلام السينما المصرية على مدار تاريخها بداخله وكذلك وجود أستوديو نحاس وأستوديو الأهرام ومجاورته لأكاديمية الفنون ومعهد السينما كما أننا علي بعد أمتار من المتحف المصري الكبير .
س. هناك موضوع غاية في الأهمية وهو مشروع ( ا ب سينما ) إقامة الورش التدريبية للشباب والمبتدئين وصغار والسن بالمدارس . كلمنا عن هذا المشروع الوطني وأهدافه ودوره الاجتماعي وما تم منه وشروطه وآليات تنفيذه؟
ج. هذا المشروع تم التواصل فيه مع مسئولي ومديري المدارس التي تقع بالمنطقة المحيطة بنا حيث يتم عمل ورش في الأجازة الصيفية لتعليم السينما للأطفال وذلك لطموحي في توطيد الحس السينمائي لكل تلميذ وأحلم بأن يكون المركز القومي للسينما جزء من الجدول التعليمي ونناشد مسئولي الإدارات التعليمية من خلالكم ونرجو مساعدتنا في ذلك الأمر كي نتواجد في المدارس لعمل ورش للأطفال أسوة بحصة التربية الفنية وحصة الموسيقى على أن يصبح هناك حصة للسينما وحصة للفنون ونحن على أتم الاستعداد للذهاب لجميع المدارس , لانه عندما نذهب لهؤلاء الأولاد وندربهم على مراحل صنع الفيلم من كتابة السيناريو والإخراج والمونتاج مما يخلق روح الإبداع الفني داخل الأولاد , حيث أننا تراجعنا ثقافيا عندما أهملنا التعليم فلم يعد هناك إهتمام بالفنون ولا بالموسيقى وأريد أن أذكر أمراً هاماً حول قيام وزارة الثقافة بعملها في ظل عدم وجود تحول فعلي فى التعليم والذي بدونه لن نصل لشئ : لماذا ؟
لان الثقافة في نهاية المطاف درجه فكرية ومرحلة وعي تبنى على أساس تعليمي سليم فإذا كان الأساس غير سليم لن نصل لشئ حيث يجب أن لا يثير اندهاشنا صبي لم يعزف على آلة موسيقية أو شاهد مسرح أو سينما وأنتقل إلى المرحلة الإعدادية أو الثانوية سنجد أمامنا ذهن متطرف أو منغلق أو غير مهتم .
وذلك ما تحاول الدولة أن تستعيده وقد لاحظنا في خطاب السيد الرئيس/ عبد الفتاح السيسي في عيد العلم ذكره لأهمية ثقافة التعليم حيث أننا في حاجه ماسه لتدشين ثقافة التعليم حتى لا يصبح إرهابي أو متطرف فالصبي الذي يقرأ ليوسف إدريس ونجيب محفوظ ويشاهد أفلام صلاح أبو سيف ويوسف شاهين عندما يتعرض لسماع تسجيل لأحد الشيوخ المتطرفين بالمواصلات العامة لن يأخذ كلامه بعين الاعتبار بل سيحلله ويكتشف سفهه ولكننا للأسف نترك عقول أولادنا أوعية فارغة يستطيع أي شخص تعبئتها بما يرغب ونُصر على تحجيم معرفتهم بالتاريخ والجغرافيا والكيمياء والفيزياء فقط وعليه لابد من الاهتمام بتدريس الفنون جنبا إلى جنب مع المواد التعليمية بالمدارس.
س. فيما يتعلق بمهرجانات السينما في مصر وما أكثرها وقد تحدثنا عنها كثيرا ولا أريد التكرار حرصا على وقت سيادتكم ولكن أود أن أشير إلى نقطتين أولا التوزيع الزمني العادل للمهرجانات على مدار العام النقطة الثانية وهو ما يعد سبق وانفراد للواء العربي سيادتك أعلنت في مهرجان الإسماعيلية الأخير انك سوف تحتفي بحدث مصري دولي كالبرنامج الإفريقي الذي احتفيتم به في الدورة السابقة . فما هو الحدث القادم الذي سوف تحتفون وتحتفلون به في الدورة القادمة للمهرجان ؟
ج.اعتقد انه سيتم التركيز على ملف العلاقة المصرية الروسية لتكون محور الاحتفاء في المهرجان القادم
س.انضمام المركز القومي للسينما لهيئة مراكز السينما العربية ما مدى أهمية وثقل هذا الحدث والعائد المتوقع منه ؟
ج – بالطبع انضمام المركز إلى هيئة السينما العربية هو حدث مهم جدا والفكرة نشأت في مهرجان قرطاچ للعام قبل الماضي وتم انعقاد اجتماع مبدئي مع رؤساء المراكز من الهيئة الملكية الأردنية والمركز السينمائي التونسي مع السيدة / شيراز العتيرى والمركز السينمائي الجزائري وتمثيل لفلسطين ولبنان وتم الاتفاق على عمل هيئة مراكز السينما العربية للشراكة ولفتح أسواق لكل ما هو منوط به المركز السينمائي في كل دولة (إنتاج مشترك – دعم أفلام – تسهيلات تصوير – فتح أسواق ) كل الأشياء المرتبطة بالتعاون العربي في المجال السينمائي والحقيقة سأذكر بكل فخر مقولة في مهرجان منارات العام الماضي في تونس وبسبب عدم الحصول على الموافقات الكافية لأي اتفاقية دولية لم أتمكن من الحضور فتم التوقيع بدون مصر فأعلنت السيدة/ شيراز العيتري في الاجتماع العام إمام كل الوكالات العالمية والعربية بان أي تجمع بدون مصر في السينما لا قيمة له , مع كامل احترامي لكونهم ذوي قيم كبيرة سواء السينما ( المغربية أو الأردنية أو الجزائرية أو الفلسطينية أو اللبنانية أو التونسية ) جميعهم سينمات كبيرة ولديهم مبدعين حققوا نجاحات كبرى في الحافل الدولية ولكن تظل السينما المصرية هي الاكبر والاضخم في المنطقة . وبفضل الله قمت بالتوقيع على الإتفاقية في مهرجان منارات هذا العام وسوف يكون لها دور كبير جدا لأن تبقى مصر رقم كبير جدا في أي تجمع سينمائي عربي .
س.هيئة الرقابة على المصنفات دورها وصلاحياتها القانونية وأثرها على ارض الواقع ؟
ج. الرقابة على المصنفات هو جهاز لضبط أوتار الاستقبال بمعنى أن المنتج الفني يخرج إلى النور كما يريده مبدعه ولكن في وجود واقع ومجتمع ودولة وقيم وعادات وتقاليد ونظم اجتماعية لابد من ضبط أوتار هذا المنتج بما يحقق مصلحة الطرفين : يوصل رسائل المبدع و يحقق كل ما هو ايجابي للمتلقي .
أستاذنا نجيب محفوظ عندما عمل رقيباً لم ير أن هناك ضرر من عمله كرقيب وقال إن في ظنه إن الرقابة هي أمر يتم عمله من أجل المجتمع ومنع الفتن الطائفية ومنع التعصب والعنصرية .
فالرقابة على المصنفات ليست سيف مُسلط على المُبدعين بل هي تنظيم لأوراق اللعبة فقط .